القول الرابع: أن الآيات المحكمات هي: ما أوقف الله تعالى الخلق على معناها.
والآيات المتشابهات هي: ما لا يُعقل معناها، ولا يعلمها إلا الله جل وعلا. كقيام الساعة، وطلوع الشمس من مغربها، وما شابه ذلك.
- وهذا قول: جابر بن عبد الله الأنصاري.
القول الخامس: أن الآيات المحكمات هي: ما يستقل بنفسه في المعنى، ولم يحتج إلى استدلال.
والآيات المشابهات هي: ما لا يستقل بنفسه في المعنى إلا بنوع استدلال، أو برد إلى غيره.
- وهذا قول: مجاهد - وعكرمة - ومحمد بن جعفر بن الزبير - والشافعي - وأحمد بن حنبل - وابن الأنباري - وأبي جعفر النحاس. (١)
الترجيح: إن كل قول من الأقوال المتقدمة قد خص كل واحد من القسمين بنوع معين من الصفات دون غيرها، والأمر أوسع مما قالوه جميعاً. (٢)
وأظهر هذه الأقوال وأرجحها: القول الخامس: فالمحكم هو: ما كان واضح الدلالة، ظاهر المعنى، لا تلتبس فيه الآراء.
والمتشابه هو: ما كان غامض الدلالة، خفي المعنى، تلتبس فيه الآراء، وتختلف فيه الأهواء.
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الأولى في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
المسألة الثانية: هل الراسخون في العلم يعلمون المراد بالآيات المتشابهات؟:-
- القول الأول: أن الراسخين في العلم لا يعلمون المراد بالآيات المتشابهات.
ولا يعلم المراد بها إلا الله جل وعلا.
وعلى هذا القول يكون الوقف على لفظ الجلالة: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} آل عمران:٧
- وهذا قول: ابن عباس - وعائشة - وأبي بن كعب - والحسن - ومالك - وأكثر التابعين.
وبه قال: الكسائي - والفراء - والأخفش - وأبو عبيد - وأبو حاتم السجستاني - والطبري.
وهو قول: جمهور أهل العلم.
(١) انظر: تفسير الطبري (٣/ ١٧٢) - وتفسير السمعاني (١/ ٢٩٤). وتفسير ابن الجوزي (١/ ٣٠٠).
(٢) تفسير الشوكاني - (١/ ٤٦٩).