والمراد بقوله: {وَارْكَعِي} آل عمران:٤٣ أي: وصلي في جماعة، ولذلك قال: {مَعَ الرَّاكِعِينَ} آل عمران:٤٣. (١)
٦ - أن المراد بقوله: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} آل عمران:٤٣ أي: واسجدي مصلية، فالمراد بـ {وَاسْجُدِي} آل عمران:٤٣: السجود المعهود.
والمراد بـ {وَارْكَعِي} {آل عمران:٤٣: الصلاة نفسها. وذلك لأمرين:
أ- أن الركوع في اللغة يطلق على معان منها: الصلاة. يقال: (ركع) أي: صلى.
ب- أن التوراة لم يرد فيها ذكر الركوع في صلاة إبراهيم ولا في صلاة من بعده من الأنبياء عليهم السلام.
ويرد على هذا القول: بأنه يحتمل أن يكون الركوع مما غيره أهل الكتاب من معالم شريعتهم، كما أحدثوا التبديل والتحريف في غيره. (٢)
الترجيح: القول الراجح أن مريم عليها السلام إنما أمرت بفعل ثلاثة أشياء من هيئات الصلاة، وهي تطويل القيام، والركوع والسجود.
وعليه، فإن قوله تعالى: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} آل عمران:٤٣:
إما أن يكون معناه: (اركعي واسجدي) ففي الآية تقديم لبيان أهمية السجود.
وإما أن يكون معناه: (افعلي السجود في وقته اللائق به، والركوع في وقته اللائق به).
فـ (الواو) هنا إما لعكس الترتيب، وإما للمعية.
قال أبو حيان: فإن سيبويه ذكر أن الواو يكون معها في العطف: المعية، وتقديم السابق، وتقديم اللاحق، يحتمل ذلك احتمالاً سواء، فلا يترجح أحد الاحتمالات على الآخر. أ هـ.
ويرد على من قال إن الترتيب على ظاهره: بأن الركوع مقدم على السجود في جميع الشرائع.
ويرد على باقي الأقوال: بأنه لا ضرورة بنا تخرج اللفظ عن ظاهره، وإن كان وارداً في اللغة. (٣)
(١) البرهان في علوم القرآن (٣/ ٢٨٧).
(٢) انظر: تفسير أبي حيان (٣/ ١٤٨) - والقاموس المحيط (مادة: ركع - ٩٣٤).
(٣) انظر: تفسير أبي حيان (٣/ ١٤٨) - وشرح شذور الذهب لابن هشام (٤١٦).