وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الصواب في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢)} آل عمران:٦٢.
قال أبو جعفر الطحاوي: وتكون (مِنْ) صلة، وهذا جائز في اللغة، ومنه قوله عز وجل: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} آل عمران:٦٢. بمعنى: وما إله إلا الله.
(شرح مشكل الآثار - ٤/ ٢٠٢)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن (مِنْ) في قوله جل وعلا: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} آل عمران:٦٢: صلة - أي زائدة - فيصح الكلام بدونها، والتقدير: (وما إله إلا الله).
- وهذا قول: جمهور المفسرين.
أن (مِنْ) صلة - أي زائدة - لكون الكلام يتم بدونها، ولكن المجيء بها يفيد معنى التأكيد.
كما في قولك: (ما جاءني من رجل) فإنه قبل دخول (مِنْ) يحتمل نفي الجنس، ونفي الوحدة، ولهذا يصح أن يقال: (ما جاءني رجل بل رجلان) ويمتنع ذلك بعد دخول (مِنْ) فلا يصح أن يقال: (ما جاءني مِنْ رجل بل رجلان).
وكذا في الآية هنا جيء بـ (من) لتكون توكيداً ودليلاً على نفي جميع ما دعى إليه المشركون من الآلهة، وإثباتاً لألوهية الله وحده. (١)
وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
(١) انظر: معاني القرآن للنحاس (١/ ٤١٦) - وتفسير ابن عطية (٣/ ١١٣) -
ومغني اللبيب لابن هشام (١/ ٦١٤) - وتفسير ابن الجوزي (١/ ٣٣٩).
تنبيه: اشترط في صحة مجيء (مِنْ) صلة - زائدة - ثلاثة شروط:
١ - أن يتقدمها نفي أو نهي أو استفهام بـ (هل).
٢ - أن يكون مجرورها منكراً.
٣ - أن يكون مجرورها: فاعلاً، أو مفعولاً به، أو مبتدأ - (مغني اللبيب - ١/ ٦١٤).
وجميع هذه الشروط متحققة في هذه الآية: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} آل عمران:٦٢