قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)} آل عمران: ٧٥ آل عمران:٧٥.
قال أبو جعفر الطحاوي: قال الله تعالى في أهل الكتاب:: {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} آل عمران:٧٥ أي بالمطالبة لديه، وطلب أخذه منه.
(شرح مشكل الآثار - ١/ ١٩٦)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن المراد بقوله تعالى: {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} آل عمران:٧٥.أي: إلا ما دمت ثابتاً على المطالبة بحقك الذي لديه حتى يؤديه إليك، فليس المراد حقيقة القيام على رأسه بدون مطالبة، ومقاضاة، وعليه فإن في المراد بالآية قولين:
القول الأول: أن المراد بالقيام: حقيقة القيام وهي الوقوف.
- والمعنى: أن من أهل الكتاب من إذا أودعته مالاً ثم استرجعته منه وأنت قائم على رأسه في نفس المجلس ولم تفارقه، رده إليك، فإن أودعته مالاً ثم فارقته وأخرته، أنكره ولم يؤده إليك.
- وهذا قول: السدي.
- القول الثاني: أن المراد بالقيام: التقاضي والمطالبة.
- والمعنى: إلا ما دمت مستمراً على التقاضي والمطالبة بحقك.
والأصل في هذا القول: أن المطالب بالشيء يقوم فيه ويتصرف به، والتارك له يقعد عنه.
ومثال ذلك قوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} آل عمران:١١٣.
أي: أمة عاملة غير تاركة لما وجب عليها.