وقوله جل وعلا: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة:١٧٧
وقوله جل وعلا: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} المائدة:٤٥. فهذه الآيات وسائر نصوص القصاص توجب استيفاء الحدود والقصاص في كل زمان ومكان.
وأما قوله جل وعلا: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} آل عمران:٩٧.
فهو إخباري عن أمر مضى كان في الجاهلية وهو: أن العرب في الجاهلية كان يقتل بعضهم بعضاً ويغير بعضهم على بعض، ومن دخل الحرم أمن من الغارة والقتل، كما قال جل وعلا: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} العنكبوت:٦٧.
وأما في الإسلام وبعد تحقق الأمن في جميع الأقطار: فإن الحرم لا يمنع من إقامة حد من حدود الله. (١)
- وقد رد هذا الاستدلال: بأنه لا تعرض في تلك النصوص العامة لزمان الاستيفاء ولا لمكانه، كما لا تعرض فيها لشروطه وموانعه. فاللفظ لا يدل عليها بوضعه ولا بتضمنه، فهو مطلق بالنسبة إليها. فهذه النصوص واردة في إيجاب القصاص، لا في حكم القصاص في الحرم.
وقوله جل وعلا: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} آل عمران:٩٧ وارد في حكم الحرم، ووجوب تحقيق الأمن لمن لجأ إليه. وليس فيه تعطيل لأحكام القصاص.
فيجب إجراء كل نص على بابه، واستعماله فيما ورد فيه.
ولا يعترض بآي القصاص على حكم الحرم ووجوب تأمين داخله. (٢)
(١) انظر: تفسير البغوي (٢/ ٧١) - وتفسير ابن عطية (٣/ ١٦٨).
(٢) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٢٢).