ولا نعلمه روي عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تأويلها غير هذا القول.
وقد روي عن غير واحد من التابعين في تأويلها مثل ذلك أيضاً كما عن عكرمة (١) في هذه الآية:: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ أَلَّا تَعُولُوا} النساء:٣ قال: ألا تميلوا. قال: وأنشدنا بيتاً من شعرٍ زعم أن أبا طالب قاله:
بميزان قسط لا يُخسُ شعيرة ... وميزانِ صدق وزنه غير عائل (٢)
وكما عن إبراهيم (٣): {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ أَلَّا تَعُولُوا} النساء:٣ قال: لا تميلوا.
وكما عن أبي مالك (٤)، مثله
ولا نعلم أحداً من التابعين روي عنه في تأويلها غير هذا التأويل غير زيد بن أسلم، فإنه روي عنه في تأويلها أن ذلك على أن لا يكثر عيالهم، وهذا قول يزعم أهل اللغة: أنه قول فاسد، وأنه لو كان على ما قال زيدٌ في تأويلها لكان: (ألا تُعيلُوا). وبالله التوفيق.
(شرح مشكل الآثار -١٤/ ٤٢٦ - ٤٣١)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي أن المراد بقوله تعالى: {أَلَّا تَعُولُوا} النساء:٣ أي: لا تميلوا.
كما بين أن هذا هو قول جمهور الصحابة والتابعين، راداً بذلك على من قال إن المراد به غير ذلك.
(١) عكرمة هو: أبو عبد الله عكرمة بن عبد الله البربري المدني الهاشمي، مولى عبد الله بن عباس، وهو ثقة ثبت، عالم بالتفسير، كانت وفاته سنة
(١٠٤ هـ) (طبقات المفسرين - ١/ ٣٨٦).
(٢) هذا البيت ذكره ابن هشام في سيرته (١/ ٢٧٧) وابن منظور في لسان العرب (مادة: عول-١١/ ٤٨٩).
(٣) إبراهيم هو: أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن الأسود الكوفي النخعي، أحد الأئمة الفقهاء المشاهير، تابعي رأى عائشة رضي الله عنها، ولم يثبت
له منها سماع، وكانت وفاته سنة (٩٦ هـ) (وفيات الأعيان-١/ ٢٥).
(٤) أبي مالك هو: غَزْوان الغِفاري الكوفي، وثقة ابن معين وغيره. (تهذيب الكمال-٦/ ٩)