- القول الأول: أن المراد (بالرشد) هو: الصلاح في الدين، والإصلاح في المال. (١)
- وهذا قول: ابن عباس - والحسن - وابن عقيل - والشافعي - والمالكية. (٢)
- وحجة هذا القول الأمور التالية:
١ - أن الله جل وعلا علق دفع المال على إيناس رشد ما، وكان ينبغي أن يدفع إليه المال عند وجود الشرط، سواء كان رشيداً في ماله دون دينه أو في دينه دون ماله. ولما اتفقوا على أنه لا يدفع إليه في هذه الحالة وهي إذا رشد في دينه دون ماله، جعلنا الحالة الأخرى مثلها، إذ ليس إحدى الحالتين أولى من الأخرى، ولما فيه من حمل اللفظ المشترك على جميع معانيه. (٣)
٢ - ولأن الفاسق لا يوثق في دينه، فكيف يؤتمن على ماله، كما أنه إذا لم يوثق على صدق مقالته لم تجز شهادته. (٤)
٣ - أن أهل اللغة قالوا: الرشد هو إصابة الخير، والمفسد لدينه أو ماله لا يكون مصيباً للخير.
٤ - أن الرشد نقيض الغي قال جل وعلا: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} البقرة:٢٥٦ والغي هو الضلال والفساد في الدين. وقال جل وعلا: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} طه:١٢١ فجعل العاصي غوياً، وهذا يدل على أن الرشد لا يتحقق إلا مع الصلاح في الدين.
وقال جل وعلا: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} هود:٩٧ فنفى جل وعلا الرشد عن فرعون، لأنه لم يكن مراعياً لمصالح الدين. (٥)
(١) تفسير السمعاني (١/ ٣٩٨).
(٢) انظر: المغني لابن قدامة (٦/ ٦٠٧) - والإنصاف للمرداوي (٥/ ٢٣٨) وتفسير الماوردي (١/ ٤٥٣).
(٣) تيسير البيان لأحكام القرآن (٢/ ٥١٠).
(٤) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣٢٢).
(٥) تفسير الرازي (٩/ ١٨٨).