{فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} وكان موسى قد أوصى هارون فقال: إن رأيت من بني إسرائيل ما لا يسوغ فبالغ في اللطف؛ ليرجعوا عما هم عليه، وإلا فالحق بي، فأقبل موسى على السامري، فقال: {فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ} يعني: قد استقر عذر أخي ونطق بما يبرئه، فما خطبك أنت يا سامري. والخطب: الأمر الذي له قدر وجلالة عند معتقديه. {}
{قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} وهو اخضرار الأرض تحت حافر فرس جبريل {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ} حافر فرس {الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها} في العجل {وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ} أي:
زينت أو سهلت.
{فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ} أن لا يمسك إنسان ولا تمس أنت إنسانا إلا وأخذتكما الحمى، يعني الماس والممسوس، فكان يخرج في الفضاء ويرفع صوته: لا مساس لا مساس. {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً} في الآخرة {لَنْ تُخْلَفَهُ} لابد لك من الحضور فيه {وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ} بزعمك {الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً} أي: على عبادته وتعظيمه {لَنُحَرِّقَنَّهُ} (١) أي: لنبردنه بالمبرد {ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ} بعد ذلك {فِي الْيَمِّ} في البحر {وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} الأصل: وسع علمه كل شيء، ثم حول كما في قوله: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} (٢) أي: شيب الرأس.
ومثل ذلك الاقتصاص {نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ} (٣) من أخبارهم وقصصهم. ثم عظم (١٢٢ /ب) أمر القرآن بقوله: {وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنّا ذِكْراً (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً} ثقيلا {خالِدِينَ فِيهِ} في عذاب جزائه، وقبح ذلك الحمل حملا.
{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} قال الحسن: الصّور: جمع صورة (٤) أي: نعيد الأرواح في الأجساد.
وقيل: الصور قرن ينفخ فيه إسرافيل، ويقول: أيتها العظام البالية والأجساد المتلاشية، والشعور المتمزقة والأوصال المتفرقة، إن الله أمركن أن تجتمعن لفصل القضاء. وقيل:
(١) قرأ ابن جمّاز: (لنحرقنّه)، وقرأ ابن وردان: (لنحرقنّه)، وقرأ جمهور القراء: (لَنُحَرِّقَنَّهُ).
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٢٧٦)، تفسير القرطبي (١١/ ٢٤٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٥٢)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٥٥٢)، المحتسب لابن جني (٢/ ٥٨)، مختصر الشواذ لابن خالويه (ص: ٨٩) النشر لابن الجزري (٢/ ٣٢٢).
(٢) سورة مريم، الآية (٤).
(٣) سورة هود، الآية (١٢٠).
(٤) تقدم في سورة الكهف، الآية (٩٩).