وناب عن أبيه فى قضاء دمشق، ثم وليه استقلالا فى سنة ست وأربعين، ونزل له أبوه عنه، فباشره مباشرة حسنة، ولكن أجلس المالكىّ فوقه لكبر سنّه، إلى أن مات المالكىّ، فعاد إلى مكانه.
وله نظم رقيق، منه قوله (١):
من لى معيد فى دمشق لياليا … قضّيتها والعود عندى أحمد
بلد تفوق على البلاد شمائلا … ويذوب غيظا من ثراها العسجد (٢)
وكانت وفاته فى شعبان، فى سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، وكانت جنازته حافلة وصلّى عليه أمير على الماردانىّ، نائب دمشق، إماما.
وكان له سماع من أبى نصر ابن الشّيرازىّ /، والحجّار، وغيرهما.
وخرّج له بعض الطّلبة «مشيخة».
ولمّا نازعه علاء الدّين ابن الأطروش فى تدريس الخاتونيّة (٣)، كتب له أئمة الشام إذ ذاك محضرا بالغوا فى الثّناء عليه، منهم أبو البقاء السّبكىّ، وقال فيه: إنه شيخ الحنفيّة بالشّام.
وكتب فيه أيضا الشيخ ناصر الدّين ابن مؤذّن الرّبوة، وغيره.
قال الحسينىّ فى حقّه: برع فى الفقه، والأصول، ودرّس، وأفتى، وناظر، وأفاد، مع الدّيانة، والصّيانة، والتعفّف.
وقال فى «المنهل»: نشأ فى حياة والده (٤)، وتصدّر للإقراء سنين، وناب فى الحكم عن والده، ثم استقلّ بالوظيفة، وحسنت سيرته.
وكان إماما، عالما، عفيفا، وقورا، معظّما فى الدّولة، وله تصانيف كثيرة. انتهى.
(١) البيتان فى الدرر الكامنة ١/ ٤٤.
(٢) فى الدرر الكامنة: «بلد يفوق على الشمول شمائلا».
(٣) تقدم التعريف بها فى الترجمة السابقة، صفحة ٢١٢.
(٤) لم يذكر فى المنهل أنه نشأ فى حياه والده، إنما قال: «ونشأ بدمشق» وفى هامش المنهل ما يدل على أن بالنسخة بياضا، والنقل هنا فيه بعض اختلاف.