(١) وروى الخطيب أن (١) عون بن محمد الكندىّ، قال: لعهدى بالكرخ ببغداد، وأن رجلا لو قال: ابن أبى دواد مسلم. لقتل فى مكانه، ثم وقع الحريق بالكرخ، وهو الذى ما كان مثله قطّ، كان الرجل يقوم فى صينيّة شارع الكرخ فيرى السّفن فى دجلة، فكلّم ابن أبى دواد المعتصم فى الناس، قال: يا أمير المؤمنين، رعيّتك فى بلدك، وبلد آبائك، نزل بهم هذا الأمر، فاعطف عليهم بشئ يفرّق فيهم؛ يمسك أرماقهم، ويبنون ما انهدم عليهم، ويصلحون أحوالهم.
فلم يزل ينازله حتى أطلق له خمسة آلاف ألف درهم، فقال: يا أمير المؤمنين إن فرّقها عليهم غيرى خفت أن لا يقسمها بالسّويّة، فأذن لى فى تولّى أمرها، ليكون الأجر أوفر والثناء أكثر.
قال: ذلك إليك.
فقسّمها على مقادير الناس وما ذهب منهم نهاية ما يقدر عليه من الاحتياط، واحتاج إلى زيادة فازدادها من المعتصم، وغرم من ماله فى ذلك غرما كثيرا، فكانت هذه من فضائله التى لم يكن لأحد مثلها.
قال عون: فلعهدى بالكرخ بعد ذلك، وأنّ إنسانا لو قال: زرّ ابن أبى دواد وسخ. لقتل مكانه.
وحدّث حريز بن أحمد بن أبى دواد، قال: حدّثنى علىّ بن الحسين الإسكافىّ، قال:
اعتلّ أبوك، فعاده المعتصم، وكان معه بغا، وكنت معه/؛ لأنى كنت أكتب لبغا، فقام، فتلقّاه، وقال له: قد شفانى الله بالنّظر إلى أمير المؤمنين.
فدعا له بالعافية، فقال له: قد تمّم الله شفائى، ومحق دائى بدعاء أمير المؤمنين.
فقال له المعتصم: إنّى نذرت إن عافاك الله أن أتصدّق بعشرة آلاف دينار.
فقال له: يا أمير المؤمنين، فاجعلها لأهل الحرمين، فقد لقوا من غلاء الأسعار عنتا.
فقال: نويت أن أتصدق بها ههنا، وأنا أطلق لأهل الحرمين مثلها.
(١ - ١) فى ص: «وعن»، والمثبت فى: ط، ن.