هذا، وقد أفصح فى نظم القصيدة المذكورة سابقا عن بعض حاله، وكثرة حلّه وترحاله، حيث يقول:
ألا إنّنى يا أهل جلّق منكم … ومن نسبى أنساب سعد وعثمان
ومسقط رأسى فى دمشق وقد مضى … بها جلّ أسلافى وأهلى وإخوانى (١)
ولكنّما حكم الإله بما جرى … قضى لى بتغريب الدّيار فأقصانى
/ودحرجنى ذا الدّهر فى صولجانه … لأطوار أدوار وكثرة دوران
فقضّيت غضّ العمر فى طلب العلى … على بعد أوطانى وقلّة أعوانى
فطورا ترى بالصّين سابق ناقتى … وحينا ترى بالرّوم قائد هجّانى (٢)
وطورا ترانى ذا ثراء وتارة … ألوك الثّرى فقرأ وأكتم أشجانى
وفى كلّ أطوارى ترانى مشبّثا … بذيل المعانى غير واه ولا وانى
أبا كر درس العلم جهدى وطاقتى … وأخدم أهل الفضل فى كلّ أحيانى
ومن شعر ابن عرب شاه أيضا قوله (٣):
السّيل يقطع ما يلقاه من شجر … بين الجبال ومنه الأرض تنفطر (٤)
حتى يوافى عباب البحر تنطره … قد اضمحلّ فلا يبقى له أثر
ومنه أيضا قوله (٥):
فعش ما شئت فى الدنيا وأدرك … بها ما شئت من صيت وصوت
فحبل العيش موصول بقطع … وخيط العمر معقود بموت
وله غير ذلك من الأشعار الرّائعة، والتّآليف الفائقة.
(١) فى ط، ن: «وأهلى وخلانى»، والمثبت فى: ص.
(٢) يقال: هجان. بكسر ففتح، وقد شدد الجيم لضرورة الوزن. والهجان من الإبل: البيض الكرام.
(٣) البيتان فى الضوء اللامع ٢/ ١٢٨.
(٤) فى الضوء: «السيل يقلع ما يلقاه».
(٥) البيتان فى الضوء اللامع ٢/ ١٢٩.