إنَّ الْأَمِيرَ هُوَ الَّذِي ... يَضْحَى أَمِيرًا عِنْدَ عَزْلِهْ
إنْ زَالَ سُلْطَانُ الْوِلَا ... يَةِ كَانَ فِي سُلْطَانِ فَضْلِهْ
وَاعْلَمْ أَنَّ تَعَلُّمَ الْعِلْمِ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ وَهُوَ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ لِدِينِهِ. وَفَرْضَ كِفَايَةٍ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِنَفْعِ غَيْرِهِ.
ــ
رد المحتار
(قَوْلُهُ: إنَّ الْأَمِيرَ إلَخْ) الْبَيْتَانِ مِنْ مَجْزُوءِ الْكَامِلِ الْمُرَفَّلِ، يَعْنِي أَنَّ الْأَمِيرَ الْكَامِلَ لَيْسَ هُوَ مَنْ إذَا عُزِلَ صَارَ مِنْ آحَادِ الرَّعِيَّةِ، بَلْ هُوَ الَّذِي إذَا عُزِلَ مِنْ إمَارَةِ الْوِلَايَةِ يَبْقَى مُتَّصِفًا بِإِمَارَةِ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ
(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ تَعَلُّمَ الْعِلْمِ إلَخْ) أَيْ الْعِلْمُ الْمُوصِلُ إلَى الْآخِرَةِ أَوْ الْأَعَمُّ مِنْهُ. قَالَ الْعَلَامِيُّ فِي فُصُولِهِ: مِنْ فَرَائِضِ الْإِسْلَامِ تَعَلُّمُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعَبْدُ فِي إقَامَةِ دِينِهِ وَإِخْلَاصِ عَمَلِهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَمُعَاشَرَةِ عِبَادِهِ. وَفَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ وَمُكَلَّفَةٍ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ عِلْمَ الدِّينِ وَالْهِدَايَةِ تَعَلُّمُ عِلْمِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَعِلْمِ الزَّكَاةِ لِمَنْ لَهُ نِصَابٌ، وَالْحَجِّ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَالْبُيُوعِ عَلَى التُّجَّارِ لِيَحْتَرِزُوا عَنْ الشُّبُهَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ فِي سَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ. وَكَذَا أَهْلُ الْحِرَفِ، وَكُلُّ مَنْ اشْتَغَلَ بِشَيْءٍ يُفْرَضُ عَلَيْهِ عِلْمُهُ وَحُكْمُهُ لِيَمْتَنِعَ عَنْ الْحَرَامِ فِيهِ اهـ. مَطْلَبٌ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَفَرْضِ الْعَيْنِ
وَفِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ: لَا شَكَّ فِي فَرْضِيَّةِ عِلْمِ الْفَرَائِضِ الْخَمْسِ وَعِلْمِ الْإِخْلَاصِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْعَمَلِ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ وَعِلْمِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَعِلْمِ الرِّيَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَابِدَ مَحْرُومٌ مِنْ ثَوَابِ عَمَلِهِ بِالرِّيَاءِ، وَعِلْمِ الْحَسَدِ وَالْعُجْبِ إذْ هُمَا يَأْكُلَانِ الْعَمَلَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ، وَعِلْمِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ لِمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَعِلْمِ الْأَلْفَاظِ الْمُحَرَّمَةِ أَوْ الْمُكَفِّرَةِ، وَلَعَمْرِي هَذَا مِنْ أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ فِي هَذَا الزَّمَانِ؛ لِأَنَّك تَسْمَعُ كَثِيرًا مِنْ الْعَوَّامِ يَتَكَلَّمُونَ بِمَا يُكَفِّرُ وَهُمْ عَنْهَا غَافِلُونَ، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُجَدِّدَ الْجَاهِلُ إيمَانَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَيُجَدِّدَ نِكَاحَ امْرَأَتِهِ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، إذْ الْخَطَأُ وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْ الرَّجُلِ فَهُوَ مِنْ النِّسَاءِ كَثِيرٌ.
(قَوْلُهُ: وَفَرْضُ كِفَايَةٍ إلَخْ) عَرَّفَهُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ بِالْمُتَحَتِّمِ الْمَقْصُودُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ. قَالَ: فَيَتَنَاوَلُ مَا هُوَ دِينِيٌّ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَدُنْيَوِيٌّ كَالصَّنَائِعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا وَخَرَجَ الْمَسْنُونُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَحَتِّمٍ، وَفَرْضُ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ مَنْظُورٌ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ. اهـ. قَالَ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ: وَأَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ مِنْ الْعِلْمِ، فَهُوَ كُلُّ عِلْمٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ فِي قِوَامِ أُمُورِ الدُّنْيَا كَالطِّبِّ وَالْحِسَابِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالْكَلَامِ وَالْقِرَاءَاتِ وَأَسَانِيدِ الْحَدِيثِ وَقِسْمَةِ الْوَصَايَا وَالْمَوَارِيثِ وَالْكِتَابَةِ وَالْمَعَانِي وَالْبَدِيعِ وَالْبَيَانِ وَالْأُصُولِ وَمَعْرِفَةِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَالنَّصِّ وَالظَّاهِرِ وَكُلُّ هَذِهِ آلَةٌ لِعِلْمِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ، وَكَذَا عِلْمُ الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ وَالْعِلْمُ بِالرِّجَالِ وَأَسَامِيهِمْ وَأَسَامِي الصَّحَابَةِ وَصِفَاتِهِمْ، وَالْعِلْمُ بِالْعَدَالَةِ فِي الرِّوَايَةِ، وَالْعِلْمُ بِأَحْوَالِهِمْ لِتَمْيِيزِ الضَّعِيفِ مِنْ الْقَوِيِّ، وَالْعِلْمِ بِأَعْمَارِهِمْ وَأُصُولِ الصِّنَاعَاتِ وَالْفِلَاحَةِ كَالْحِيَاكَةِ وَالسِّيَاسَةِ وَالْحِجَامَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَدْرٍ يَحْتَاجُهُ لِدِينِهِ فِي الْحَالِ مَطْلَبُ فَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ
تَنْبِيهٌ فَرْضُ الْعَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ حَقًّا لِلنَّفْسِ، فَهُوَ أَهَمُّ عِنْدَهَا وَأَكْثَرُ مَشَقَّةً، بِخِلَافِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَإِنَّهُ مَفْرُوضٌ حَقًّا لِلْكَافَّةِ وَالْكَافِرُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَالْأَمْرُ إذَا عَمَّ خَفَّ، وَإِذَا خَصَّ ثَقُلَ.